لـ سنان أنطون
التقييم: ٥/٥
المراجعة:
ملاحظة: الرواية مؤلمة ومأساوية جداً تفوح منها رائحة الموت، حيث أن الموت هو البطل الرئيسي في هذه القصة.
تدور أحداث الرواية في فتره الغزو الأمريكي للعراق، تلك الفترة العصيبة التي ألحقت بدمار شامل وخسائر فادحة تمثلت في إبداع أدبي وكوميديا سوداوية ساخرة، يروي فيها المؤلف قصة لشاب عراقي أسمه جواد "جودي" في بغداد، الذي امتهن مهنة غسل الموتى أو كما تسمي بالعراقي "مغسلجي" التي ورثها عن أبيه. كان جواد طالب وفنان تشكيلي في كليه الفنون الجميلة، وكان طموحًا جداً عاش في عائلة عربية تقليدية. ما حدث من تغير مفاجئ بعد وفاة أبيه ليجد نفسة بشكل لا إرادي ليصبح مغسل للموتى، إذ أضطر لمواجهة حقيقة الموت واستسلامه للأمر ليصبح واقع لا مجال للهروب منه، فما كان من فنان مرهف الحس ينسج من خيالة واقعًا جميل ينعكس خلال فنه الا إن يتبخر الي واقع مرير فرض عليه عنوة لغسل وتكفين جثث وأشلاء مزقتها الحروب. لم يكن جواد بالشاب المتزمت ديناً وفكرياً ولا بالشاب شديد التحرر فأحيانا يسمع الأغاني واحياناً يسمع الأناشيد الإسلامية، ايضاً نلاحظ حالته المضطربة من خلال حواراته الداخلية وكيفية تعامله مع الأشخاص والأموات، وهذا ايضاً ينعكس في علاقاته ومغامراته العاطفية.
كيف تعامل جواد مع الموتى؟ الذين أصبحوا بعد فترة من تقدم الرواية أشلاء وقطع من بقايا جثث، فكيف كان له أن يتعامل معها؟. اذ فوجئ في أحد المرات بطلب غسل رأس مقطوع دون جسد، فكيف كان لجواد أن يتصرف؟.
الوصف الدقيق لمكان غسل الموتى "دكة الغسل" وطريقة الغسل والتكفين التي كانت في بعض الأحيان تختلف من مذهب لمذهب ومن طائفه لطائفه والأدعية التي تردد عند الغسل وما يستخدم من أدوات في تكفين وتعطير الميت من عطور وسدر وكافور وغيرها... كانت كفيلة باستشعار وإدراك مشاعر "المغسلجي".
من جهة آخري وصف الحال بشكل عام للظروف الصعبة وقت الحرب وما وصل به الحال في العراق من تمزق وحروب داخلية وخارجية، من تفكك أمني وفتن زُرعت، من طائفية وعنصرية بين أبناء البلد الواحد. واستيعاب المجتمع لشناعة المنظر وأثر استقبالهم لخبر الموت بشكل يومي، من قتل وانفجارات واغتيالات. ذلك الموت الذي لا يفرق بين صغير أو كبير ولا بين طائفه أو عرق أو دين أو لون معين، على خلاف ذلك نحن البشر من ابتدعنا التميز والتفضيل بينا على أساسي عرقي وطائفي ومنهجي والخ... حتى الموتى لم يسلموا من هذه النظرة التفاضلية والدونية، فكانت الرواية خير مثال لذلك.
اللغة جذابة وسهلة مع حوارات بسيطة بالعامية العراقية أضافت جاذبية للرواية، واخيراً أترك لكم سبب تسمية الرواية بهذا الاسم "وحدها شجرة الرمان" وما علاقتها بأحداث الرواية.
Komentarze