لــ د. يوسف الحسني
التقييم: ٥/٤
المراجعة:
الكتاب في علم النفس من تأليف الدكتور يوسف الحسني، وهو طبيب ومعالج ومحلل نفسي. الكتاب مميز في طرحة لمواضيع جريئة في مجتمعاتنا، مثل الزواج والخيانة والتربية ومفهوم العلاقات وأسس تكوينها، وما يتجاهله المجتمع أو يغض النظر عنها عنوة، أو ما نخشي الحديث عنه، ومنا من ينكر وجود بعض هذه التصرفات على إنها حالة شاذة أو نادرة.
يتألف الكتاب من ١٥ حالة كما سماهم المؤلف بالعقد نفسية تتضمن: "تشوه مفهوم الرجولة، صراع الأنوثة، عقدة الشكل، الاستحقاق المزيف، اختيار الشريك المناسب والزواج التقليدي،النرجسي والمتعاطف، الخيانة، التشافي والعلاقة التعويضية، صندوق الاحتياط وأنواع العلاقات العاطفية في عالمنا المعاصر، عقدة الطفل، عقدة الخضوع، السلبي اللطيف "اجتماعياً" و "عاطفياً"،عقدة المادة، عقدة الجنس ومفاهيمه والتحرش الجنسي".
في كل حالة يبدأ المؤلف بمقدمة، وهي عبارة عن مثال يحاكي واقعنا، ومن ثم يشرح أبعاد الحالة من منظور طبي ونفسي وشخصي وما أسباب تكوين هذه العقدة وأصلها وسبب ربطها بالماضي والحاضر والمستقبل.
ما ركز عليه الكتاب هو البيئة المحيطة بالأشخاص، وفسرها على أنها واحده من أهم الأسباب الرئيسية لتكوين العقد النفسية. اذ نلاحظ التركيز الكبير على مفاهيم مغالطة تحت ما يسمي "بالعادات والتقاليد" والانسياق الأعمى والرضوخ والانصياع لما يمله المجتمع علينا دون أي وعي، أو ربما خوفاً من إحكام تطلق علينا.
ايضاً يذكر المؤلف ما يترتب عليه من مخاطر خلال فترة الطفولة وما يصاحبها من أحداث، فتتحول صدمات الطفولة اذا لم تعالج في وقت مبكر الى عقد نفسية معقدة، فنكون بذلك قد ساعدنا بتكوين مجتمع مليء بأشخاص بالغين يحملون عقد نتيجة لصدمات نفسية لم تعالج في الماضي تطورت مع مرور الزمن دون أي وعي أو إدراك.
كما يسرد في نهاية كل حالة العلاج المناسب من منظور طبي ونفسي، على سبيل المثال ذكر العلاج السلوكي المعرفي ومتي يتطلب التدخل بالعلاج الدوائي، كما في بعض الحالات يذكر المؤلف تجاربه الشخصية مع بعض العقد ونهجه الشخصي للتغلب عليها.
من وجهة نظري الكتاب يحاكي الواقع بطريقة واقعية جداً بأسلوب ولغة بسيطة، فما ذكر ينعكس على ما يحدث في واقعنا، فعند قراءتك لبعض الحالات قد تلامس بعض الوقائع، فيتبادر الى ذهنك حالات أو مواقف مماثلة.
من ناحية أخرى أقدر جداً وأشيد بذكر بعض المواضيع التي تعتبر حساسة أو محظور الحديث عنها في مجتمعاتنا مثل الثقافة الجنسية وغيرها من الحالات المذكورة.
ما لم يعجبني، السرد كان مختصر جداً حبذا لو توسع المؤلف في شرح العقد بشكل تفصيلي أكثر. ايضاً من ناحية علاجية، الحلول كانت مختصرة بعض الشيء لم تأخذ حيزًا كبير من الشرح، وددت لو توسع الدكتور في العلاج بشكل أكبر وأكثر تفصيلاً.
أعتبر هذه الكتاب بمثابة دعوة لاستفاقة ولرفع الوعي في مجتمعاتنا العربية وكبوابة لمواجهة النفس وارتقاء محيطنا الخارجي. فمن الواجب علينا إعداد جلسات صراحة مع ذواتنا واستكشاف دواخلنا وما يترتب عليه من صدمات كانت سبباً في خلق بعض العقد والمفاهيم.
Comentários