الخبز الحافي
لـ محمد شكري
التقييم: ٤/٥
المراجعة:
ملاحظة: هذا هو الجزء الأول من ثلاثية سرد فيها المؤلف سيرة حياته بشكل جريء جداً، قد لا يناسب الكتاب الجميع لما فيه من ألفاظ خادشة للحياة ووصف جرئ لبعض المواقف.
انتقد الكثير الكتاب باعتبارهم مجرد سرد لفضائح دون اي فائدة تذكر. من وجهة نظري لم أجده مجرد سرد لسيرة ذاتية وأحداث، فهو أقرب للفضفضة أو متنفس للكاتب تخلص فيه من ذالك الحمل الثقيل الذي طالما أحس بذنب كتمانه خلال السنوات الأولى من طفولته، وما أن بدأ قلمه بالسرد حتى أزيل الغطاء عن ما حدث في الخفاء، بداً من مشاهدته واقعة لجريمة ارتكبها والده في حق أخيه الصغير وما ترتب عليه وعلى أسرته من تبعات وأثار نفسية وجسدية كان كفيلً لترك بصمة في حياتهم إلى الأبد، كان المنظر مرهق جداً لم يفارقه طيلة حياته فهو بين مصدق ومكذب وبين حلم وواقع يستعيد واقعه للتأقلم مع هذا السر وتحمل تبعاته.
مضمون الكتاب أعمق من مجرد كلمات ومواقف تُحكى على لسان الكاتب، فمن خلال حياته قام بسرد الكثير من الخطوط الحمراء الواردة والمحرمة في مجتمعنا، لكن لا ننكر وجودها بشكل أو بآخر وتمارس تحت غطاء بعيدً عن الأنظار.
فمن خلال حياته غاص وكشف عن المتستر عنه في المجتمع بكل شفافية وجرأة. شرح بشكل غير مباشر العقدة الذكورية المتسلطة والسلطة الأبوية الجائرة من قهر للنساء والأطفال والمستضعفين، ايضاً ما يحدث من تهميش وظلم للمستضعفين واستغلال سلطة القوي في قهر الضعيف. فقد تكونت هذه العقد وظهرت في شخصية شكري من خلال علاقاته وتصرفاته في المجتمع ومن حوله، في كيفية تعامله مع النساء وامتهانه الدعارة، وتشرده بين الأحياء الفقيرة والعمل في بيوت الأغنياء، وما حدث من اللامبالاة لبيعه جسده للرجال والنساء مقابل المال، ومن تحديات وعدم اكتراث لجميع من له سلطة عليه تظهر في المخاطرة بنفسه في تجارة الممنوعات و التلصص ليلً في أعمال غير مشروعة.
دائما ما يكون الوالدين هما العماد الأساسي في تكوين شخصية الطفل في مراحل حياته الأولى، لم يكن شكري محظوظ ابدا في هذه المرحلة. تعكس مرحلة المراهقة اللامبالاة الواضحة لما تكبد عليه من عناء في طفولته، فقد كانت والدته ضعيفة المطلب ووالده عاطلً عن العمل ومدمنً على الممنوعات بذيء اللسان والفعل غليظ القلب. لكن ما أثار تعجب شكري علاقة والديه مع بعضهم البعض، كانت غريبة الى حد كبير بحد وصفه، كان مندهشً لما يحدث نهارا من والده بضرب وإهانة لوالدته وشتمها بالألفاظ القذرة، وما يحدث بينهم ليلً من محبة والألفة وضحك. فما يحدث من شجار نهارً تمحوها الألفة ليلً.
يظهر الأمل في نهاية الكتاب حين يكون السجن خير وليد لبداية جديدة لشكري، فقد كان السجن دافع قويً في اتخاذ قرار تغير حياته للأفضل واتباع نهج التعليم، فمن هنا أنطلق وأقسم على نفسه أن يتعلم الكتابة والقراءة.
الأسلوب كان سهل مع استخدامه بعض العامية في الحوارات، وصف المشاعر والأحاسيس كانت صادقة تعكس واقعه.
مالم يعجبني، الكتاب مليء بالألفاظ البذيئة وكانت تستخدم في بعض الأحيان في غير موقعها، كانت تذكر فقط للذكر دون أي مبرر او نهج أدبي، على سبيل المثال ما يدور من أفعال فاحشة في المجتمع كتبت بالألفاظ صريحة دون أي تنقيح أو تلميع.
و اخيراً، هذا ما ختم به شكري:
أخي صار ملاكاً. وأنا سأكون شيطاناً، هذا لا ريب فيه. الصغار إذا ماتوا يصيرون ملائكة والكبار شياطين.
لقد فاتني أن أكون ملاكاً.
Comments