أيام الشمس المشرقة
لــ ميرال الطحاوي
التقييم: ٣.٥/٥
المراجعة:
أحيانًا يكون الهروب هو الحل الأمثل لحل المشكلات التي فُرضت علينا ظلمً، من حروب وفقر وغلاء المعيشة والبطالة وغيرها من الظروف القاهرة التي أصبحت أمر مُسلم به.، لذلك يبقى الخيار إما البقاء أو الفرار إلى أرض الأحلام الموعودة. من منا لا يحلم بحياة كريمة في وطنه الأم، حياة بعيدة عن المتاعب، تنعم بالأمان والسلام، حياة مزدهرة في استقرار، مليئة بأساسيات الحياة الكريمة.
عن مرارة الهجرة والمهاجرين والاغتراب تتحدث الرواية. رواية سهلة وخفيفة مصنفة بأدب الهجرة، تسرد فيها المؤلفة مجموعة من قصص المهاجرين من أوطانهم لتحقيق أحلامهم في بلد أسمته "الشمس المشرقة". لم تذكر المؤلفة في البداية الموقع الجغرافي للشمس المشرقة لكن التلميحات كانت كافية للقارئ بتحديد موقعها. إما عن عنوان الرواية "أيام الشمس المشرقة" فهو هجاء لاذع لوصف المدينة.
تبدأ الرواية بمأساة "نعم الخباز" وهي أحد أبطال الرواية أو يمكن أن نسميها الشخصية المحورية في الرواية، بين الماضي والحاضر لامسنا معاناتها من طفولتها حتي وقتها الحاضر وعلاقتها بزوجها وابنيها وكل من في محيطها.
لكل شخصية في الرواية معاناتها الخاصة وسببها الخاص في الهجرة، منهم من يرى أن الحياة كانت ظالمة في حقه وأنه أحق في الهجرة من غيره وإن معاناته أشد قهر مقارنة بمعاناة أقرانه، فمنهم من هاجر وتخل عن ماضيه وعمل على تحقيق هذا الحلم بخوض مغامرة جديدة أو كما أطلق عليها البعض "البحث عن حياة جديدة" والانسلاخ من الماضي البائس.
في وصف تراجيدي وصفت المؤلفة أرض الشمس المشرقة وموقعها بين الجبال في قممها يسكنها الأغنياء وفي قاعها يسكنها الفقراء والمهاجرين المهمشين، بشكل غير مباشر تشرح المؤلفة من خلال سردها قصص الشخصيات عن سبب فشل خطة الهجرة، ولماذا يصبح الحلم الوردي للمهاجر سرابا بمجرد أن تطأ أقدامه أرض الأحلام.
بين الماء واليابس يوجد الكثير من الحزن والبؤس، طالما كان العبء ثقيل على كاهل المهاجر، فالهجرة أو الغربة أو سميها كما تسميها مؤلمة وقاسية، قاسية جداً. فمنهم من يعتبر نفسه محظوظا لوصوله إلى أرض الأحلام والأمان، ومنهم من تلاشى واندثرت أحلامه معه غارقا في ظلمات البحر والمحيطات وبين تضاريس الطبيعة القاحلة المميتة. وما يحدث في دول العالم الأول من رفع لشعارات حقوق الإنسان والتقدم والمساواة وبين التناقض الواضح والصريح للفوارق الطبقية بين المهاجرين المهمشين الذين لا يتعدى معظم أعمالهم في الوظائف اليومية البسيطة وبين نظام اقتصادي قائم على التمييز الطبقي.
الشخصيات في الرواية كثيرة لكنها مرتبطة ببعضها البعض بطريقة ذكية. كما استخدمت المؤلفة أسلوب التنقل بين الأحداث والشخصيات، حيث سردت خلفية كل شخصية على حدا ودوافعها للهجرة، وجعل القاسم مشترك بينهم واحد يتمحور حول الشخصية الرئيسية وحلم الهجرة لأرض المستقبل. فنرى كيف وصفت المؤلفة وجهة نظرهم لبعضهم البعض لاختلافاتهم سوا كانت عرقية، ثقافية وغيرها من الاختلافات، واختلاقهم بعض التصنيفات فقط لوضع أنفسهم في سلم طبقي أعلى من غيرهم. لكن في أرض الشمس المشرقة جميع المهاجرين مهمشون.
وأخيرا، ما لم يعجبني هو أن الرواية لا تحتوى على أي حبكة أو حدث حقيقي أو قصة واضحة بقدر ما تسرد مشكلة كل شخصية على حدا، فلا توجد قصة متماسكة أو أحداث تبني عليها الشخصيات فقط مجرد قصص مختلفة لتجارب مؤلمة لمهاجرين فارين من موطنهم الأصلي.
